أن تحب الفلاحة فذلك الواجب .. أما أن تحترم الفلاح فذلك الأوجب


الفلاحة نبع الخير، و مصدر الغذاء لكل البشر، وهي كمهنة تعتبر أشق مهنة على الإطلاق، تتطلب الجهد و المثابرة و الصبر.

لنتفق على مبدأ أولا، كل ما تنتجه الأرض لوحدها بدون تدخل الإنسان ( أعشاب و حشائش و أشجار غابية ...) في غالبه لا يصلح أن يكون غذاء للبشر.

 أما ما يصلح كغذاء للإنسان فلابد من أن يتدخل فيه بنفسه إضافة إلى عوامل الطبيعة، و هنا يأتي دور الفلاح، فهو الذي يهيئ الأرض ويزرع و يعتني بالغراسات و يجمع المحصول ويوصله للبائع ليصل في النهاية إلى المستهلك.

فمهما علا شأنك، ومهما كانت مهنتك، ومهما كان مركزك،عامل بسيط، موظف، تاجر، حرفي، طبيب، محامي، وزير، رئيس، ملك ..  فلابد أنك تأكل و تتغذى و كله من كد و عرق و إنتاج الفلاح.

 هل فكرت للحظة و تساءلت و أنت تمسك رغيف الخبز كيف وصل إليك؟ هل تأملت يوما و أنت تختار الفاكهة المفضلة لديك كيف وصلت إليك؟

أليس بفضل الفلاح؟  

ذلك الذي تراه في مخيلتك أشعث أغبر لا يفقه في الحياة شيئا غير مصارعة الأرض و النبش في خباياها.



لنتصور لحظة أنه لا يوجد قمح و لا شعير لأن الفلاح لم يزرع،
 و لا يوجد زيت لأن الفلاح لم يغرس الزيتون و لم يجمع و لم يعصر،
و لا يوجد بصل، و لا طماطم، و لا بطاطا، و لا فول، و لا حمص و لاشيء لأن الفلاح لم يزرع و لم يجمع.
ماذا سنأكل؟ أظن أنه لم يتبقى لنا إلا أوراق الأشجار لنغليها في الماء و نأكل عصيدها و نشرب مرقها.

هل تحسبونني أبالغ؟
 ألم تلاحظوا أنه في حال عزوف الفلاحين عن إنتاج "منتوج" معين في موسم واحد فقط كيف ترتفع أسعار ذلك "المنتوج" بشكل جنوني و تلتهب الأسعار لتكوى بها جيوب الفقير و الغني على حد السواء. و تضطر الدولة في النهاية إلى الاستيراد بالعملة الصعبة لتغطية النقص الفادح، و في الأخير لا تلقى السلع المستوردة غير سلات النفايات ملاذها لكونها لا ترتقي في جودتها إلى عُشُر "المنتوج البلدي".

نعم هو ذلك الرجل، الذي بفضله أنت تأكل و تشرب، نعم بفضله.

و مع ذلك فهو من أكثر الفئات تهميشا، و"حقرة".

ألا نستحي من أنفسنا أن لا نعطي لصاحب الفضل علينا قدره الذي يستحقه.

هل تعلمون مكان الفلاح الحقيقي؟ إنه فوق الأعناق، و فوق الرؤوس.

حتى وإن لم ترفعوه فوق أعناقكم أو رؤوسكم فعليا فاجعلوه، على الأقل، في أعلى المراتب في عقولكم و قلوبكم.

 و إن رأيتموه يوما فاجعلوا نظراتكم "إعجاب و امتنان"  

  لا نظرات " لامبالاة و احتقار" 


التعليقات
0 التعليقات

Aucun commentaire:

ليصلك كل جديدأدخل بريدك الالكتروني ولا تنسى التأكيد

partage

جميع الحقوق محفوظة لــ خيراتنا 2015 ©